القائمة الرئيسية

الصفحات

أحوال الخلق في الدنيا

 قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)} [يونس: 7 - 8]

وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)} ... [يونس: 9].

الله عزَّ وجلَّ خلق الخلق فمنهم كافر ومنهم مؤمن كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)} [التغابن: 2].

أحوال الخلق

والإنسان من حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر فيها إلى ربه، ومدة سفره هي عمره الذي كتب له، والأيام والليالي مراحل لسفره، فلا يزال يطويها مرحلة بعد مرحلة حتى ينتهي السفر.

فالكيِّس الفطن من جعل كل مرحلة نصب عينيه، فيهتم بقطعها سالماً غانماً، فهو إذا تيقن قصرها وسرعة انقضائها هان عليه العمل.

ولا يزال هذا دأبه حتى يطوي مراحل عمره كلها فيحمد سعيه، ويبتهج بما أعده ليوم فاقته وحاجته.

والناس في قطع هذه المراحل قسمان:

القسم الأول: الذين قطعوها مسافرين إلى دار الشقاء، فكلما قطعوا مرحلة قربوا من تلك الدار، وبعدوا من ربهم، وعن دار كرامته، فقطعوا تلك المراحل بمساخط الرب، ومعاداة رسله وأوليائه ودينه: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)} ... [الصف: 8].

فهؤلاء شرُّ خلق الله، وقد جعلت أيامهم ولياليهم مراحل يسافرون فيها إلى الدار التي خلقوا لها، واستعملوا بها، فهم مصحوبون فيها بالشياطين الموكلة بهم، يسوقونهم إلى منازلهم في النار سوقاً كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)} ... [مريم: 83].

والقسم الثاني: الذين قطعوا تلك المراحل سائرين فيها إلى الله وإلى دار السلام، وهم ثلاثة أصناف:

ظالم لنفسه .. ومقتصد .. وسابق بالخيرات بإذن الله.

وهؤلاء كلهم مستعدون للسير، موقنون بالرجعى إلى الله، ولكنهم متفاوتون في التزود، وتعبئة الزاد واختياره، وفي نفس السير وسرعته وبطئه كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)} [فاطر: 32].

وسعي العبد وحركته في هذه الحياة أربعة أنواع:

سعي لجلب نفع مفقود كالكسب ... أو لحفظ موجود كالادخار .. أو لدفع ضرر لم ينزل كدفع الصائل .. أو لإزالة ضرر قد نزل كالتداوي من المرض.

والإنسان في الحقيقة متوجه من الدنيا إلى الآخرة، ومن عالم الشهادة إلى عالم الغيب، ومن دار العمل إلى دار الجزاء، ومن الدار الفانية إلى الدار الباقية، ومن السعادة الجزئية أو الشقاوة الجزئية، إلى السعادة الكلية أو الشقاوة الكلية، فالخير كله بحذافيره في الجنة، والشر كله بحذافيره في النار، والناس قادمون على ربهم، ومجزيون بأعمالهم: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)} ... [الغاشية: 25 - 26].

فسعيد وشقي .. ورابح وخاسر .. ومُكرم ومُهان .. كلٌّ حسب عمله.

فآخذ كتابه بيمينه .. وآخذ كتابه بشماله .. ففرح مسرور .. وشقي محزون .. فمسوق إلى الجنة .. ومسوق إلى النار.

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم: 14 - 16]. 

والناس في الدنيا فريقان:

المؤمنون .. والكفار ..

فالإيمان له شُعب، ولأهله صفات، وأهله ثلاث درجات:

ظالم لنفسه .. ومقتصد .. وسابق بالخيرات.

والكفر له شعب، ولأهله صفات، وأهله درجات، وهم متفاوتون في الشقاء حسب أعمالهم، كما أن المؤمنين متفاوتون في النعيم حسب أعمالهم، وموعد الجميع يوم الفصل: {يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)} [هود: 105 - 108].

والنعيم والعذاب في الدنيا والآخرة مبني على العمل في الدنيا:

فمن آمن وعمل صالحاً فله السعادة في الدنيا والآخرة، ومن كفر بالله فله الشقاء في الدنيا والآخرة.

ولا بدَّ من معرفة حال هؤلاء السعداء ليقتدي العبد بهم .. ومعرفة حال هؤلاء الأشقياء ليحذر من سوء أعمالهم.

حال الأشقياء

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (162)} [البقرة: 161 - 162].

وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} ... [الأحقاف: 20].

الكفار والمشركون والمنافقون لاحظ لهم في الآخرة، وأما في الدنيا فهم: {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)} [محمد: 12].

وما أكثر هؤلاء الغاوين الضالين المتبعين إبليس اللعين، فهؤلاء كالأنعام التي فقدت العقول، حيث آثروا ما يفنى على ما يبقى، فلم يستفيدوا من عقولهم وأسماعهم وأبصارهم، بل هم أضل من البهائم السائمة.

فإن البهائم مستعملة فيما خلقت له، ولها أذهان تدرك بها مضرتها من منفعتها، فهي أحسن حالاً منهم.

وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، ووهبهم الله الأفئدة والأسماع والأبصار لتكون عوناً لهم على القيام بأوامر الله، وحقوقه، فاستعانوا بها على معصية الله والصد عن سبيله، ومحاربة أوليائه ودينه، وغفلوا عن أنفع الأشياء وأحسنها من الإيمان بالله وطاعته وذكره.

فهؤلاء جديرون بأن يكونوا ممن ذرأ الله لجهنم وخلقهم لها، وهم بأعمال أهلها يعملون كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} ... [الأعراف: 179].

فهؤلاء أضل من الأنعام السائمة؛ لأن الأنعام يهديها راعيها فتهتدي، وتعرف طريق هلاكها فتجتنبه، وهؤلاء صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون، فكل حيوان بهيم فهو أهدى منهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)} [الفرقان: 44].

وهؤلاء الكفار والمشركون والمنافقون تقع عليهم اللعنة من الله، ومن جميع الخليقة، لسعيهم في غش الخلق، وإفساد دينهم، وصدهم عن سبيل الله، وإبعادهم من رحمة الله، وإعراضهم عن دينه كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)} [البقرة: 161].

فهؤلاء يقطعون مراحل أعمارهم سائرين إلى دار الشقاء، متزودين غضب الرب سبحانه، ومعاداة كتبه ورسله وما بعثوا به، ومعاداة أوليائه، والصد عن سبيله، ومحاربة من يدعو إلى دينه، ومقاتلة الذين يأمرون بالقسط من الناس، وإقامة دعوةٍ غير دعوة الله التي بعث بها رسله لتكون الدعوة له وحده، والعبادة له وحده.

فقطع هؤلاء الأشقياء مراحل أعمارهم في ضد ما يحبه الله ويرضاه.

فما أعظم جرمهم .. وما أكبر خسارتهم .. وما أشد عقوبتهم ..

فهم أشد الناس جرماً، فما أجدرهم بلعنة الله وغضبه وسخطه؟

فأي جرم أعظم من رد الحق والهدى الذي اختاره الله لعباده؟.

وأي جرم أعظم من قتل الأنبياء الذين حملوا الحق إلى البشرية والسخرية منهم، ورد ما جاءوا به؟.

وأي جرم أعظم من إيذاء وصد وقتل الذين يأمرون بالقسط والعدل من الناس ممن يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، الذي حقيقته إحسان إلى المأمور ونصح له: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)} [آل عمران: 21 - 22]

فاستحق هؤلاء بهذه الجنايات والكبائر أشد العقوبات، وهو العذاب المؤلم أشد الألم في النار للأبدان والقلوب والأرواح.

وبطلت أعمالهم بما كسبت أيديهم، وما لهم أحد ينصرهم من عذاب الله، ولا يدفع عنهم من نقمته مثقال ذرة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)} ... [فاطر: 36].

وإذا كان أكثر الأرض الآن يموج بالكفر والضلال والفجور .. والكفار يزيدون على ستة آلاف مليون نسمة .. ويموت منهم يومياً إلى النار أكثر من ثلاثمائة ألف إنسان .. وهم غارقون في الشهوات والملذات.

فمن المسئول عن ترك هذا الوباء من الكفر والشرك والظلم والفساد ينتشر في البشرية؟.

إن الله عزَّ وجلَّ قد وكل الشمس بالإنارة، ووكلنا بنشر الهداية، والشمس قد أدت الأمانة وما زالت تؤديها.

فهل نحن أدينا أمانة الدعوة إلى الله، ليسمع الناس الحق الذي شرفنا الله بالدعوة إليه، فيهتدوا إليه، ويسعدوا به في الدنيا والآخرة، وينجو من عذاب الله يوم القيامة، {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} ... [إبراهيم: 52].

إن الإسلام هو الدين الحق، وهو حق واجب لكل إنسان، ومَنْعُ الإنسان حقه وعدم إيصاله إليه ظلم، والله لا يحب الظالمين، بل لعن الظالمين وتوعدهم بالعذاب كما قال سبحانه: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19)} [الفرقان: 19].

وما أشقى حال الإنسان الذي سمع الحق ثم أعرض عنه وصدَّ عنه.

إن الله خلق الجبال العظيمة الصلبة العالية الراسية، وأخبر عنها أنه لو أنزل عليها كلامه لخشعت وتصدعت من خشية الله كما قال سبحانه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [الحشر: 21].

فوا عجبًا من مضغة لحم أقسى من هذه الجبال، تسمع آيات الله تتلى عليها، ويُذكر الرب جل جلاله فلا تلين ولا تخشع ولا تنيب، فليس بمستنكَر على الله ولا يخالف حكمته أن يخلق لها ناراً تذيبها إذا لم تَلِنْ بكلامه وذكره وزواجره ومواعظه.

فمن لم يلن في هذه الدار قلبه، فإن أمامه المليِّن الأعظم في نار جهنم التي تذيب الأجسام الصلبة، والأحجار القاسية، والنفوس العاصية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} [التحريم: 6].

وهؤلاء الأشقياء من الكفار والمشركين مصيرهم يوم القيامة إلى جهنم كما قال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)} [المدثر: 38 - 48].

فهذه أربع صفات أخرجت هؤلاء من زمرة المفلحين إلى زمرة الأشقياء الهالكين:

  1. الأولى: ترك الصلاة، وهي عمود الإخلاص للمعبود.
  2. الثانية: ترك إطعام المسكين، الذي هو من مراتب الإحسان إلى العبيد، فلا عبادة للخالق، ولا إحسان للمخلوق.
  3. الثالثة: الخوض في الباطل.
  4. الرابعة: التكذيب بالحق.

فلأجل هذا هم مخلدون في النار، فلا تنفعهم شفاعة الشافعين.

وكل واحدة من هذه الصفات موجبة للإجرام، مقتضية للعقوبة، ومجموعها يدل على غلظ الكفر، ويوجب أشد العقوبة.

فما أجهل هؤلاء بربهم ودينه، فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها كما قال سبحانه: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)} [المدثر: 49 - 51].

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

أنت الان في اول موضوع
التنقل السريع