القائمة الرئيسية

الصفحات

الزهد في الدنيا والرقائق

 قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف .. أربعة ونصف .. غلبت عليه السمسرة. وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدارالفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات. وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كان مفتوناً بالغناء، والعياذ بالله. وقيل لشارب خمر عند الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: اشرب واسقني نسأل الله العافية.

الزهد والرقائق


مسكين من اطمأن ورضي بدارٍ حلالها حساب، وحرامها عقاب، إن أخذه من حلال حوسب عَلَيْهِ، وإن أخذه من حرام عذب به، من استغنى فِي الدُّنْيَا فتن، ومن افتقر فيها حزن، من أحبها أذلته، ومن التفت إليها ونظرها أعمته.

الكيِّس الفطِن هو الذي يجعل نصبَ عينيه أن الدّنيا دارُ اختبارٍ وبلاء، وأنّها مزرَعةٌ للآخرة، وأن الله تعالى استخلفنا فيها فينظر كيف نعمل.

عن الحسن قال: فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحاً.

قال تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد: 20] وصف القرآن الكريمُ الدنيا كزهرةٍ تزهِر بنضارَتها، تسحَر الألباب، تستهوي القلوبَ، ثمّ لا تلبث إلا برهةً حتى تذبُل فتتلاشى تلك النضَارة، وتحطّمها الريح، كأنّها لم تكن.

عن المبارك بن فضالة، قال: كان الحسن إذا تلا هذه الآية: فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. قال: من قال ذا؟ قاله من خلقها وهو أعلم بها، قال: وقال الحسن: إياكم وما شغل من الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب.

قال: ابن عباس رضي الله عنهما: (يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة الخلقة، لا يراها أحد إلا كرهها فتشرف على الخلائق فيقال لهم: أتعرفون هذه؟ هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول: يا رب أين أتباعي وأحبابي وأصحابي فيلحقونها).

قال الحسن: " نعمت الدار الدنيا كانت للمؤمن، وذلك أنه عمل قليلاً وأخذ زاده منها للجنة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنه ضيع لياليه وكان زاده منها إلى النار ".

قال الحسن البصري: ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.

قال إبراهيم ابن أدهم رحمه الله تعالى: الزهد فراغ القلب من الدنيا لا فراغ اليد.

سئل الجنيد عن الزهد فقال: استصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب.

قال علىّ كرم الله وجهه: " من زهد فى الدنيا هانت عليه المصيبات ".

عن إبراهيم بن أدهم: الزهد ثلاثة أصناف، فزهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة، فالفرض الزهد في الحرام، والفضل الزهد في الحلال، والسلامة الزهد في الشبهات.

عن إبراهيم بن أدهم قال: على القلب ثلاثة أغطية، الفرح والحزن والسرور، فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص، والحريص محروم، وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط، والساخط معذب، وإذا سررت بالمدح فأنت معجب، والعجب يحبط العمل. ودليل ذلك كله قوله تعالى: (لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 23]

قال مالك بن دينار: يقولون: مالك زاهد. أي زهد عند مالك، وله جبة وكساء. إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرة فتركها.

 

قال الشافعي في ذم الدنيا والتمسك بها: وما هي إلا جيفة مستحيلة عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها وان تجتذبها نازعتك كلابها.

قال الحسن البصري رحمه الله: " أدركت أقواما وصحبت طوائف ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا إذا أقبل، ولا يأسفون على شيء منها إذا أدبر، وكانت في أعينهم أهون من التراب "

قال بعض الحكماء: الزهد خمس خصال: الثقة بالله، والتبرى عن الخلق، الإخلاص في العمل، واحتمال الظلم، والقناعة في اليد

التنقل السريع